محمدنور حمد النيل
على استحياءٍ أكتبُ هذه السطور عن الجيشِ ، وأعتذرُ مقدماً ؛ لأن الجيش قامة فوق مقدراتي التعبيرية وذخيرتي اللغوية ، ووطنيته فوق المزايدات السياسية ، أما يكفي فرده شرفاً (أنه يجودُ بالنفس إذا ضنَّ الجوادُ بها والجودُ بالنفسِ أقصى غايات الجود ) فلمثلهم تُرفعُ القبعاتُ ، و كمدخلٍ للحديث أرى أن كل وطني حر يشمئز من أيِّ كلمةٍ أو حتى إيماءةٍ تجرحُ الجيشَ أو تقدحُ فيه ، فما تمرُ به البلادُ اليوم – بل والعالم – يجعلنا نتشدَّدُ في أهمية رفعِ قدراتِ الجيش ، واحترام منسوبيه والعمل على تعديل هياكل مرتباتهم بما يسدُ احتياجَهم المعيشي ويتعدى ذلك للرفاهيةِ وأن يُعاملوا بخصوصيةٍ واحترام في كلِ مرافق الدولة ، فلو لاهم لما كانت هنالك دولة ، فقد كانوا الصمودَ و جبالاً تكسرتْ عندها نصالُ العمالةِ والخيانةِ مجتمعةً . ونستخلص من هذه المسرحيةِ الدمويةِ في بلادِنا و التي يلعب فيها العالمُ دورَ الأعمى والاخرس أننا بحاجةٍ الي بناء قدرات الجيش بما يمكِّنُة من مقارعةِِ وحشيةَ عالم اليوم ومكره وأطماعه في ابتلاع الضعفاء واختلال موازينِه غضاً للطرفِ عن أي جرمٍ يربطه به حبلٌ سري في الخفاء او مؤامرة نسج خيوطَها تحت خباءِ الدهاءِ ، وكثيراً ما يتحامل على المظلوم بل أن التحاملَ باسم العدالة ودون حياءٍ أصبح شِرْعةُ هذه المؤسسات ، حتى أصبحنا لا نثق في المؤسسات الأُممية وعدالتها فما هي الا سرابٌ بقيعةٍ يحسبه الظمآنُ ماءً .. وما يجتمع مجلس الأمن إلا ليأتي في ناديه المنكرات ، فيتعامى عن الحقائق وينكرها كما تنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدِ ، ويتجاهلُ سماعَ الصوابِ حتى لو كان صوت صاحبه يسمع من به صمم ، وبهذه المفاهيم عن عمل المنظمات الدولية يمكنني القول إن العالم بنى للظلمِ صروحاً شامخات . وخلاصة القول حتى تعيش وسط هذه المعطيات يجب أن تبنيَّ جيشاً مهاباً ، يتسلحُ من حيث انتهى الآخرون ، وأن يكون الجيشُ الاحتياطيُّ جاهزاً للاستدعاء وأن يُدرَّبَ كلُ قادرٍ على حملِ السلاح وإن لم يُسلح . كما يجب أن نتفطنَ للخبثِ الاستخباراتي الوافد حين يخرجُ علينا في ثيابِ الواعظين بشعاراتٍ ظاهرها الإصلاح وباطنها الخراب سعياً لدق الأسافين بين الشعوبِ وجيوشِها وتفتيت عُري نسيجها . وذلك لعلمه أن الجيوشَ الضعيفةَ المعزولةَ عن شعوبها لن تحول بين الاستعمار – في ثوبه الجديد – وبين مراميه في نهب ثروات الشعوب . وطالما أن العالم أصبح ذئاباً فإنها تعدو على من لا جيوش له , قوموا لدعم جيشكم ، إلا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ..