loader image
الرئيسية » تعليق إخباري: بين الفرح والمأساة.. حين يحيلُ الرصاص الأفراح إلى مأساة و نواح في الجنيد

تعليق إخباري: بين الفرح والمأساة.. حين يحيلُ الرصاص الأفراح إلى مأساة و نواح في الجنيد

 

أرض المحنة ميديا: محمد أحمد الصديق البلولة …
في لحظة كان يُفترض أن تكون من أسعد لحظات العمر التى تنظرها الاسر بمشاعر الفرح وتستقبلها بالزعاريد ويغطي الحي عبق الافراح ، تحوّل الفرح في أحد الأحياء التابعة لمصنع سكر الجنيد إلى مأتم جماعي وبدلاً من أن تعلو الزغاريد، ارتفعت أصوات البكاء والنواح والاستغاثة، بعد أن خطف الرصاص أرواحاً بريئة كانت تسبح في تيارات الافراح ، وخلّف جراحاً غائرة في جسد ووجدان الحي.

مأساة حفل زفاف العريس “ع ي م” ليست حادثة فردية بقدر ما هي انعكاس لسلوك مجتمعي خطير ومتكرر، حيث صار إطلاق النار في المناسبات طقساً متجذراً، يُمارس وكأنه مظهر من مظاهر الفرح، دون وعي بعواقبه القاتلة رغم تحذير السلطات .

ثلاثة أرواح أزهقت، وخمسة جرحى، بينهم العريس نفسه، كل ذلك بسبب لحظة طيش، وسلاح قاتل كان يجب أن لا يكون جزءاً من مشهد الإحتفال. الأخطر أن من أطلق الرصاص لم يكن غريباً بل هو كان أقرب الناس إلى قلب العريس. ما يضيف بعداً مأساوياً أكثر حدة،

هذه الحادثة تسلط الضوء من جديد على خطورة انتشار السلاح وسط المدنيين، وضرورة ضبط استخدامه، وفرض قوانين صارمة لا تكتفي بالعقوبات، بل تعمل على تغيير الوعي المجتمعي أيضاً. فما الفائدة من قرارات رسمية بحظر إطلاق النار في المناسبات، إن لم تكن هناك إرادة شعبية جماعية تنبذ هذه الممارسة؟!

مبادرات مثل “أفراح بلا سلاح” تمثل بارقة أمل، ولكنها تحتاج إلى دعم حكومي ومجتمعي قوي، وتضافر جهود الأحياء، والمساجد، والمنابر الإعلامية وكل المنصات والاصوات ، لتغيير ثقافة تقرن الفرح بصوت الرصاص ، والرجولة بامتلاك السلاح ، فتكون الافراح مبعثاً للمخاوف وموعداً لإزهاق الأرواح..

إن الذي حدث في الجنيد ليس حادثاً عابراَ، بل جرس إنذارٍ صاخب، يدعونا لمراجعة أولوياتنا، ومسؤولياتنا، وعاداتنا التي بات بعضها يهدد الأرواح. فقد يكون من السهل أن نطلق النار، ولكن لا أحد يستطيع إرجاع الروح لمن فقدها.

نسأل الله أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وأن يشفي الجرحى، وأن يُلهم المجتمع كله حكمة مراجعة الذات قبل أن يتحوّل كل فرح إلى مأساة جديدة.